أرشيف المدونة


لم تجد الدول الغنية المتقدمة مزبلة تلقي فيها بنفاياتها الإلكترونية مثل: أجهزة الكمبيوتر ومستلزماته والشاشات والتلفزيون والرقائق المدمجة وغيرها سوى إفريقيا، فخلافا لما جرت عليه العادة كان معظم تلك القمامة يجد طريقه إلى دول في آسيا مثل: الصين والهند، لكن فرض قيود أشد على دخول تلك الأجهزة المتقادمة إلى آسيا حوّل مجراها بشكل متزايد إلى إفريقيا.
ولأن الدول الغنية المتقدمة تقنيا ليس لديها استعداد لتسميم تربة أراضيها وأجواء سمائها ومياه أنهارها، فلا بد من التخلص من تلك القمامة الإلكترونية بحرقها، وهو ما ينتج أبخرة سامة ويطلق مواد كيماوية مثل: الباريوم والزئبق، فتقوم بزبلها في إفريقيا.
وكأنه لا يكفي ما ترتكبه الدول الغنية والمتقدمة بحق الدول الفقيرة، لا سيما بلدان القارة السمراء، من استنزاف لثرواتها، وإذكاء الحروب بها، وتأجيج الصراعات لتعظيم عوائد تجارة الأسلحة فيها، وكأن إفريقيا في حاجة لمشاكل أخرى رغم مشكلاتها المتفاقمة من جهل ومرض وفقر، وكأن المجاعات المستفحلة التي تنهش في أبدان أبنائها لا تكفي، وكأن دفن النفايات السامة ومخلفات المشروعات النووية بأراضيها لا يكفي، حيث تقوم تلك الدول باستخراج خام اليورانيوم من الدول الإفريقية، وبعد إثرائه واستخدامه في إنتاج الطاقة والأسلحة النووية تقوم بدفن مخلفاتها الشديدة الإشعاع مرة أخرى في الدول الإفريقية.
القمامة الإلكترونية
ومنشأ تلك المشكلة يعود لارتفاع تكاليف استبدال أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وغيرها من الأجهزة القديمة في الدول الغنية المتقدمة، والتقادم السريع لأنواع كثيرة من الأجهزة بسبب التقدم التقني، ولرغبة المؤسسات والأفراد في التحديث يتم التخلص من القديم وشراء الجديد، باعتباره الحل الأمثل والأرخص للحصول على الأحدث تقنيا، وعدم اللجوء لاستبدال الجديد بالقديم ودفع الفارق المادي.
لذلك بدأت الإثنين 27-11-2006 فعاليات مؤتمر "الأطراف في اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود"، والذي يعقد اجتماعه الثامن في العاصمة الكينية نيروبي لبحث سبل معالجة المشكلة التي تتفاقم على مر الأيام تحت مظلة ورعاية منظمة "برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة".
ويقول مدير البرنامج أخيم شتاينر: "إن أغنى الدول في العالم تتخلص من قمامتها الإلكترونية الخطيرة في دول إفريقيا الفقيرة"، إذ تقدر المنظمة الدولية أن ما يزيد على 50 مليون طن من القمامة الإلكترونية يتم التخلص منها في إفريقيا سنويا.
النفايات تسمم إفريقيا
لذلك فإن المؤتمر الذي سوف تستمر فعالياته لخمسة أيام في الفترة بين 27 نوفمبر إلى 1 ديسمبر سوف يناقش كيفية تشديد الضوابط لمنع حصول هذه الممارسات، كما يناقش الحضور بالمؤتمر إجراء تعديلات على "معاهدة بازل المتعلقة بالتحكم بتنقلات القمامة السامة عبر الحدود وطريقة التخلص منها"، وهو ما من شأنه تشديد الضوابط على شحنات تلك القمامة والتخلص منها، حيث يؤكد شتاينر أن طريقة التخلص من تلك القمامة تمثل خطرا بالغا، إذ تنتج مواد كيماوية خطرة فضلا عن مواد ثقيلة يصعب على الدورة البيئية التعامل معها والتخلص منها.
كما سيعقد على هامش المؤتمر ندوات ومناقشات حول النفايات الإلكترونية في آسيا، والحاجة إلى القيام بعمل دولي للحد من خطر تفشي التلوث بالزئبق، ومسألة إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية.
كذلك ينتظر أن يطرح على بساط البحث بالمؤتمر الحادث الذي وقع مؤخرا في كوت ديفوار الذي نشأ عن تصاعد أبخرة سامة نتجت عن قمامة ألقيت حول أبيدجان، وهو ما أسفر عن وفاة ما لا يقل عن عشرة أشخاص، ومرض أكثر من 70 ألف شخص.
جدير بالذكر أن دراسة أجرتها مؤخرا شبكة بازل للعمل قدرت أن ما لا يقل عن 100 ألف كمبيوتر تدخل شهريا إلى ميناء "لاجوس" النيجيري، منها 75% تقريبا أجهزة تلفاز، ومعالجات كمبيوتر، وهواتف خلوية قديمة أو تالفة.


0 التعليقات:

ابحث في المدونة