اقسام المدونة
- أدباء (3)
- الصحة (5)
- انترنت (2)
- شخصيات (2)
- شعر (2)
- غرائب وعجائب (1)
- مقالات اسلامية (5)
- مقالات تربوية وتعليمية (2)
- مقالات علمية (7)
- مقالات منوعة (10)
الإنترنت في المغرب العربي: الواقع والمعوقات
شهدت السنوات الأخيرة تطورا كبيرا لشبكة الإنترنت، بفضل النمو الهائل لعدد المستخدمين وتزايد عدد المواقع الإلكترونية التي تزودهم بالمعلومات. فحسب الإحصائيات التي ينشرها الموقع الإلكتروني «إحصاءات الإنترنت العالمية» (Internet World Stats) فإن عدد الأشخاص الذين أتيح لهم النفاذ إلى الإنترنت بلغ حوالي 16 مليون شخص عام 1995، وتضاعف هذا العدد بشكل كبير ليصبح حوالي مليار و400 مليون مستخدم خلال سنة 2008.
تباين في استخدام الإنترنت في المغرب العربي
أما بالنسبة للعالم العربي، فقد بلغ عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية حوالي 29.4 مليون مستخدم نهاية 2007، مقارنة مع 23 مليون مستخدم نهاية 2006، وذلك بزيادة نسبتها %28. أي حوالي %2.5 فقط من تعداد المستخدمين في العالم، وهي المرتبة العاشرة في العالم، حوالي %60 من مستخدمي الإنترنت في العالم العربي موجودون في منطقة الخليج العربي، والتي تمثل حوالي %11 من تعداد سكان العالم العربيّ.
وفي المغرب العربي، فإنه رغم «الخطاب التكنولوجي» حول أهمية انتشار المعلومات على الإنترنت واستخدام الناس لها فإن الكثير من الدراسات تبين أنّ عدد مستخدمي الإنترنت ما زال ضعيفا في دول المغرب العربي كما أن عدد المواقع الإلكترونية يظل قليلا بالنسبة لعدد المواقع الإلكترونية المتواجدة على الشبكة.
فحسب الأرقام التي نشرها الموقع الإلكتروني «إحصاءات الإنترنت العالمية» (مارس 2008) فإن عدد المستخدمين في المغرب العربي كالتالي:
المغرب 7.3 مليون
الجزائر 3.5 مليون
تونس مليون ومئة ألف
ليبيا 260 الفا.
موريتانيا 30 ألفا.
وتجدر الإشارة إلى أن مستخدم الإنترنت هو الشخص الذي يزور المواقع الإلكترونية أي الشخص الذي يريد الحصول على المعلومات أو التواصل مع الآخر عبر الشبكة (الويب، البريد الإلكتروني،...).
أمّا نسبة السكان الذين يستخدمون الإنترنت بشتى أنواعها (العادية وعريضة النطاق) لتعداد السكان في الدولة، فهي تمثل حسب الدول:
المغرب %21.3
تونس %16.6
الجزائر %10.4
ليبيا %4.2
موريتانيا %0.9
ويمكن ملاحظة التفاوت الكبير بين دول المغرب العربي خاصة بالنسبة لموريتانيا وليبيا.
..وتفاوت كبير في نسبة الاشتراك بالإنترنت عالي النطاق
أما بالنسبة للإنترنت «عالي النطاق» BROADBAND فقد أظهرت دراسة حديثة أن نسبة نفاد الخطوط الثابتة للإنترنت عالي الصبيب في المغرب ضعيفة جدا مقارنة مع دول عربية أخرى. وقالت الدراسة، التي نشرت بمناسبة الاستعداد لعقد مؤتمر المرشدين العرب الخامس لاندماج وسائل الإعلام والاتصالات 2008، إن المغرب مثلا لا يزال متأخرا، في مجال تعميم شبكة الإنترنت عالي الصبيب.
فقد وصل عدد المشتركين في الإنترنت عالية النطاق أو إنترنت «الحزمة العريضة» خلال سنة 2008 أكثر من 350 مليون مشترك وقرابة %20 من مستخدمي خطوط الاشتراك الرقمية (ADSL) يعيشون في الصين، أما بالنسبة للدول العربية فقد قدرت «مجموعة المرشدين العرب» نسبة الربط في المغرب بـ %1.5 مقابل %8 في قطر، و%7.8 في الإمارات، و%2.4 في السعودية، وتونس %1.1. بينما تقدر في الجزائر %0.9 وموريتانيا %0.06 (بعض الإحصائيات تشير إلى المغرب أن %1.28 وتونس %0.45).
وإن قارنا هذه الأرقام ببعض الدول الغربية فسنجد تفاوتا كبيرا، حيث سنجد نسبة الاشتراك بالإنترنت عالي النطاق لتعداد السكان مثل الدانمارك التي احتلت المرتبة الأولى في العالم بـ %35، أما بريطانيا %26 والولايات المتحدة الأميركيّة %23 وإسبانيا %17.
تعتبر «الحزمة العريضة» (broadband) من أكثر أنظمة الاتصالات تطورا وقدرة على تأمين إرسال سريع جداً للخدمات، مثل البيانات والصوت والفيديو، عن طريق شبكة الإنترنت. ويتم ذلك بواسطة أنواع التقنيات التالية: كافة أنواع خطوط المشتركين الرقمية- كابلات الألياف البصرية- الكابلات المتحدة المحور- التقنيات اللاسلكية المختلفة- الأقمار الاصطناعية.
مواقع إلكترونية يغلب عليها لغة «موليير»
من الصعب معرفة عدد صفحات الإنترنت، بسبب التطور السريع والمذهل التي تتميز به الشبكة العالمية، كما أن جل الدراسات يغلب عليها الطابع التقديري، ولا تقوم بحساب إلا الصفحات التي يتم فهرستها من طرف محركات البحث. فحسب أحدث التقديرات فإن عدد المواقع الإلكترونية المتواجدة في الشبكة العالمية يقدر بأكثر من 162 مليون موقع إلكتروني.
أما بالنسبة للمواقع الإلكترونية المغاربية فإن محرك البحث Google قام بفهرست 3201 موقع إلكتروني موزعة كالتالي: الجزائر (1414) المغرب (990) تونس (697) موريتانيا (70) ليبيا (30).
وبتصفح جل المواقع المغاربية، سنلاحظ أن غالبيتها تستعمل اللغة الفرنسية كما أنه ينقصها الإبداع والجديد، حيث يلاحظ على هذه المواقع، تكرار المعلومات المتواجدة في المواقع الإلكترونية الأخرى بسبب الاعتماد على المؤسسات الأجنبية (وكالات الأنباء، مراكز الدراسات...). أما من ناحية الخدمات فالمؤسسات الحكومية ما زالت متخلفة في هذا المجال رغم الخطاب الرسمي حول الحكومة الإلكترونية.
معوّقات انتشار الإنترنت
رغم الجهود التي تبذلها بعض الدول المغاربية من أجل تطوير البنى التحتية لشبكة الاتصالات إلا أن المؤشرات الدولية تبين مدى تخلف هذه الدول في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
فقد أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي خلال هذه السنة تقريره السنوي عن تقنية المعلومات Global IT report 2007/2008. حيث احتوى التقرير الجديد على تقييم لـ 129 دولة حول العالم من خلال مؤشر الاستعداد الشبكي Networked Readiness Index NRI، وهو مؤشر يقيس مستوى البنية التحتية لمجتمع المعلومات في القطاعات الرئيسية الثلاثة: الحكومي والخاص والأهلي، ومستوى تأهل الأفراد والأسواق، ومدى تجاوب التشريعات القانونية والتنظيمية مع مجتمع المعلومات.
وحسب التقرير احتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة 29 متقدمة على جميع الدول العربية الأخرى، بينما أتت قطر في المرتبة الثانية عربياً بالمركز 32.
أما بالنسبة لدول المغرب العربي فقد احتلت تونس الرتبة 35 متقدمة على المغرب (74)، وحلت الجزائر بعد المغرب المرتبة (88) عالميا، وجاءت بعدها موريتانيا (97) وأخيرا ليبيا (105)، فيما تصدرت الدانمارك «الاقتصاديات الأكثر اتصالا بالشبكة».
التقرير يشير إلى أن «الأداء البارز» للدول المتقدمة على مستوى الجاهزية الشبكية مدفوع أساسا من قبل الشركات والأفراد، أكثر من قوة الاستراتيجية والرؤية المُحددين من طرف الحكومة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وحسب الخبير الإعلامي يحيى اليحياوي فإن «المغرب فشل في توفير الحد الأدنى من مستوى التجهيز والارتباط، والفاعل الرئيسي في قطاع الاتصالات لم يراهن على البحث العلمي ولا على الإبداع التكنولوجي, ولا على إدماج الكفاءات التقنية العالية في مشاريع إبداعية بتعبير التقرير».
ويضيف الأستاذ اليحياوي: «أن السياسات التعليمية فشلت في استنبات مقومات نهضة تكنولوجية وعلمية بحدها الأدنى».
كما أن البيانات المتوفرة لدينا، تظهر أنه ليس هناك فقط فجوة رقمية بين الدول المغاربية والدول الغربية ولكن كذلك فيما بينها، فإذا كانت بعض دول المغرب العربي، نجحت إلى حد ما في تأسيس شبكتها للاتصالات الهاتفية والإنترنت إلا أن ضعف مرآب الحواسيب، وصعوبة بلوغ الأفراد (خاصة في العالم القروي) هذه الشبكات يشكل عائقا أساسيا دون الارتباط بشبكة الإنترنت.
فمناطق عديدة في المغرب العربي لا تتوفر على الشبكة الكهربائية فكيف لها أن تتوفر على الحواسب وبالأحرى الحديث عن الإنترنت (أكثر من 10 مليون مغربي مثلا لا يتوفر على حاسب شخصي). وإن توفر الحاسوب فليس بالضرورة أن يكون لدى العائلة الواحدة اشتراك في الإنترنت بسبب التكلفة الكبيرة والقدرة الشرائية المتواضعة للطبقة المتوسطة.
كما أن هذه الدول يغيب عنها التنسيق والتعاون بينها وبين دول المنطقة أو بين التي لها إمكانات وليس لها خبرات، وبين من لها كفاءات وليس لها إمكانات مادية.
تكلفة بالإنترنت وحرية الوصول إلى المعلومة
توصلت دراسة أجريت في مصر إلى أنّ تكلفة تطوير البنية التحتية لتناسب تلك المفترضة تصل إلى 15 مليار دولار أميركيّ، بينما يتمّ استثمار ما مقداره %0.2 من إجماليّ العائدات الوطنيّة للمنطقة في هذا المجال. ويؤثر هذا العامل بشكل كبير جدّا، نظرا لاحتكار بعض الحكومات أو الشركات للإنترنت ورفع الأسعار بشكل كبير جدّا. وهذا يظهر جليا في تكلفة 1 ميغابايت كصبيب الإنترنت التي توفرها الشركات في منطقة المغرب العربي. فحسب المعطيات التي استطعت الحصول عليها: الجزائر 18.5 يورو، المغرب 17.2 يورو، تونس 7.2 يورو. دون حساب تكلفة أجرة المكالمة الهاتفية في المغرب العربي.
لذا تعرف منطقة المغرب العربي بانتشار مقاهي الإنترنت كوسيلة لدخول العالم الافتراضي بسبب الفقر وافتقاد معظم المنازل للحواسب والارتباط بالإنترنت.
وأخيرا ما زال الهاجس الأمني يخيم على تفكير جل المسؤولين في الدول المغاربية حيث لا تزال الكثير من البلدان تتحكم بالمحتوى، الأمر الذي يؤثر على محتوى المواقع الإلكترونية، مما يؤثر على الإبداع وحرية الوصول إلى المعلومة. والتي يعتبر الإنترنت الخدمة الرئيسية التي توفرها للمواطن العربي.
بين الاقوال والافعال!!
أخرجوهن من جامعاتكم إنهن يتطهرن
أخرجوهن من جامعاتكم إنهن يتطهرن
الدكتور محمد حسين كامل- الفيلسوف العالم
هو عالم على أدق وأكمل ما يراد بهذا الوصف ... يؤمن بالعقل إيمانا كاملا ... يريد العقل العلمى الذى يحلل ويعلل، لا ذلك العقل الإقطاعى كما يسميه أحيانا، أو عقل القرون الوسطى الذى يسلم ويستسلم فلا ينقد ولا يناقش ولا يخترع ولا يبتكر ... وهو فى ربطه العلم بالعقل يدرك فى وضوح مدى الصلة بين الطب والفلسفة، فهو فى نفسه فيلسوف بقدر ما هو عالم.
هو الطبيب الأديب والعالم الفذ الذى جمع بين دقة العلماء وصفاء الأدباء.
حصل على دبلوم الطب ولم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره، ثم أمضى سنوات الامتياز فى قصر العينى، وفى عام 1925 سافر فى بعثة دراسية إلى إنجلترا وأمضى هناك خمس سنوات حصل خلالها على عدة ألقاب علمية منها زمالة الجراحين الملكية، وماجستير جراحة العظام فكان بذلك أول مصرى يجمع بين زمالة كلية الجراحين بانجلترا وماجستير جراحة العظام فى ليفربول، ولم تحل الدراسة العلمية ولا بعده عن الوطن آنذاك بينه وبين متابعة أبحاثه الأدبية والاجتماعية التى ظل يراسل بها الصحف المصرية طوال مدة غيابه عن وطنه. ولما عاد إلى مصر فى عام 1930 تولى مهام التدريس فى كلية الطب جامعة القاهرة وأنشأ قسما لجراحة العظام، تدرج بعدها كامل حسين فى مناصب هيئة التدريس فأصبح أستاذا مساعدا للدراسات العليا للجراحة عام 1936، ثم أستاذا لجراحة العظام عام 1940.
ولما تولى طه حسين وزارة المعارف رأى أن محمد كامل حسين هو الشخص الذى يقدر على تحمل تبعات إنشاء جامعة جديدة فعينه مديرا لجامعة إبراهيم (عين شمس حاليا) وذلك عند إنشائها عام 1950. ورغم حداثة هذه الجامعة وضخامة مشاكلها فإن كامل حسين كان له الفضل الأكبر فى إيجاد كيان متميز لها، ورغم العوائق الشديدة التى واجهته أثناء تكوين هذه الجامعة فقد كان يرى أن القانون يعطى للجامعة استقلالها، فإذا عبث أحد بهذا الاستقلال فهذا ليس ذنب القانون، كما كان يرى ضرورة توفير حماية النشر والتعبير لأساتذة الجامعة، وضرورة عرض موضوعات أبحاثهم ودراساتهم على المجتمع للاستفادة منها.
وكان كامل حسين شديد الولع بالدراسة والاطلاع فى كافة المجالات العلمية والأدبية، وقد أوضح طه حسين ذلك بقوله أن الدكتور محمد كامل حسين "كان من أشد الناس حبا للقراءة وأعظمهم بها كلفا وأكثرهم عليها إقبالا .... وهو لا يقرأ بقلبه وحده ولا يقرأ بعقله وحده وإنما يقرأ بهما معا".
ونتيجة لأنشطة الدكتور كامل حسين المتعددة عين عضوا فى عدد كبير من الهيئات العلمية منها المعهد العلمى المصرى Institut de Egypte شعبة علم الأحياء، ومجمع الجراحة بباريس، والجمعية البريطانية لجراحة العظام.
وعندما انتخب عضوا بمجمع اللغة العربية عام 1952 برز نشاطه من خلال مشاركته فى المجلس والمؤتمر واللجان، وخاصة لجنة المصطلحات الطبية التى ساهم بجهد كبير فى نشاطها، وكذلك مساهمته فى أعمال لجنة المعجم اللغوى الوسيط، ولجنة الأدب.
وكانت قراءاته الشخصية وإحساسه المرهف سببا فى تكوينه أديبا ممتازا، ومن مؤلفاته التى تعدت شهرتها حدود الوطن كتابه "قرية ظالمة" والذى نال عنه جائزة الدولة فى الأدب عام 1957 ويدور هذا الكتاب حول حال بنى إسرائيل والرومان والحواريين ليلة الجمعة التى رفع فيها السيد المسيح إلى السماء. ومن مؤلفاته أيضا كتاب "الوادى المقدس"، وكتاب "وحدة المعرفة" وغيرها من المؤلفات.
وقد منح كامل حسين جائزة الدولة التقديرية عام 1966 فى العلوم فكان أول من منح جوائز الدولة فى كل من الآداب والعلوم. وظل الدكتور كامل حسين عضوا بمجلس جامعة عين شمس حتى وفاته يشارك بآرائه السديدة فى صنع أجيال الجامعيين، كما اختير عضوا بمجلس جامعة الأزهر، وكان لفترة طويلة فى حياته عضوا بالمجلس الأعلى للجامعات.
كامل حسين العالم
كامل حسين عالم حقا وبأدق معنى لهذه الصفة فهو يؤمن بالتجربة إيمانا لا يقل عن إيمانه بالعقل، يؤمن بالتجربة لأنها سبيل كسب المعلومات والكشف عن الحقيقة، ويلاحظ بحق أن ميزة الطب الحديث هى أنه طب التجربة والمشاهدة فى حين أن الطب القديم، أو بعبارة أدق طب اليونان، اعتمد على الوصفات الشائعة والقضايا المسلمة. وكان يرى أن الاتصال المباشر بالطبيعة عن طريق الملاحظة والتجربة يربطنا بها ويمكننا من أن نستنتج ونستنبط ونكشف عن قوانينها.
كامل حسين مولع بالمنهج والدراسة المنهجية، ويؤثر منهجين واضحين فى دراساته وهما المقارنة والتحليل، فيقارن الظواهر بعضها ببعض، ويقارن الفكرة بالأخرى .. يقارن ليكشف عن مواطن الضعف والقوة، ويتبين جوانب الكمال، وهو لم يطبق التحليل على العلم وحده بل طبقه على الأدب أيضا وقدم فى ذلك أمثلة رائعة.
كامل حسين الأديب
قل أن تجد من يقبل على الثقافة إقباله، ويحب القراءة حبه، فإذا أعلن عن محاضرة عامة فى علم أو أدب أو فلسفة تراه فى مقدمة المستمعين، وإذا ظهر كتاب قيم فى العربية أو الإنجليزية أو الفرنسية تجده من أوائل القارئين. ولكن ... كيف كان يوفق بين هذا وبين أعبائه المتعددة فى درسه، وفى عيادته الخاصة، وفى سهره على مرضاه فى منازلهم أو فى المستشفيات؟
كامل حسين أديب من طراز خاص أدبه ثمرة قراءاته المستفيضة وحسه المرهف واطلاعه الواسع. وقد اختلط أدبه بالعلم والفلسفة، بالاجتماع والتاريخ، والحقيقة أن علمه نمى ميوله الأدبية لأنه كان يرى أن الحقائق العلمية فى أمس الحاجة إلى تعبير سليم يكشف عنها ولغة سهلة تقربها إلى الأذهان. وكامل حسين ـ كما ذكرنا ـ مولع بالتحليل، فيستعين بنظرية التحليل النفسى التى قال بها "فرويد" و "يانج" ـ برغم عدم تسليمه بها سيكولوجيا ـ فى توضيح بعض الظواهر الأدبية، فيلاحظ مثلا أن ما فى شعر المتنبى من تعقيد لم يجئ عفوا، وإنما كان وليد عقدة نفسية ذلك لأن الشاعر الذى شغل الدنيا وملا الأسماع قد خاب أمله وأخفق فى محاولات شتى. ويذهب إلى أن الدولة العثمانية مثلا انهارت بسبب الحرمان أكثر مما أثر فيها البطش والاستبداد، وغيرها من الآراء التى أوردناها فقط لنبين مدى تأثر أدب كامل حسين بالتحليل، فهو أدب تحليلى يقاس فيه اللفظ بمقياس المعنى، فإن لم يلائمه عدل عنه إلى لفظ آخر أكثر ملائمة.
لا فرق بين خمسة من الرجال وخمسة من النساء
يؤمن كامل حسين بأن اللغة العربية لغة حية، كفيلة بأن تؤدى رسالة العلم والحضارة اليوم كما أدتها بالأمس. وحياة كل لغة بحياة أهلها فهم الذين يستطيعون أن يغذوها وينموها، أن يلائموا بينها وبين حاجات العصر ومقتضياته. ويلمس أديبنا الصراع بين العربية والعامية ويراه دورا من أدوار التطور فى حياة اللغة وعلينا أن نواجهه ولا سبيل إلى ذلك إلا بتيسير العربية على الناس كتابة وقراءة وتعليما، وبهذا تحيا وتنتشر ويقبل عليها النشء، ويسهم كامل حسين فى هذا التيسير إسهاما جادا فيلفت نظره ما فى بعض قواعد النحو من غموض وتعقيد، ويستوقفه بوجه خاص جنس العدد وما يستلزمه من تذكير أو تأنيث للفظ العدد نفسه ورأى أن ييسر ذلك بإبقاء اسم العدد على حاله دائما مع الفصل بينه وبين المعدود بحرف "من" فيقال دون تفرقة خمسة من الرجال وخمسة من النساء.
وادي زم
يفتخر أبناء ثوار مدينة الشهداء والمقاومة بثورة وادي زم 20 غشت من سنة 1955 ،حيث يحتفلوا بها الوادزميين خاصة والمغاربة عموما،هذه الثورة التي إعتبرها المستعمر الفرنسي بمثابة مجزرة في حق الفرنسيين،الذين كانوا آنذاك يستقرون بكثرة بوادي زم خاصة من كبار الشخصيات الفرنسية،وكانوا يلقبون وادي زم بباريس الصغير.ثورة وادي زم أربكت كل تكتيكات العدو الفرنسي،ليس فقط على المستوى المحلي بل كذلك على المستوى الوطني.فقط منعت السلطات الفرنسية وسائل الإعلام الدولية من تغطية المجزرة كما يسميها الفرنسين،والإنتصار للمقاومة كما يسميها الوادزميين والمغاربة عموما كما تقول الأغنية الوادزمية واصفة تلك الأحداث فين أيامك يا وادي زم *** راه زناقيك جارين بالدم....هذه الثورة التي خلفت أكثر من 5000 شهيد من أبناء وادي زم الشرفاء من قبائل السماعلة،بني سمير وبني خيران،وخسر العدو الفرنسي المئات من مواطنيه وسط حصار إعلامي وتضليل وتعتيم في عدد الضحايا من الجانب الفرنسي.وللإشارة،فقط وصفت الدول العظمى ثورة وادي زم خاصة أمريكا باليوم الأسود والنكبة لدى الإستعمار الفرنسي.تلك الأحداث سرعان ما تعجل المستعمر الفرنسي إلى العودة إلى طاولة المفاوضات والإستجابة لمطالب المغاربة بعودة الملك الراحل محمد الخامس من المنفى ورحيل المستعمر على الوطن.هاته المطالب سرعان ما تحققت بدماء وادي زم وبدماء المغاربة الطاهرين كافة.وقد ساهمت ثورة وادي زم ليس فقط من رفع معنويات المقاومة في المناطق الأخرى المغربية بل كذلك على المستوى العربي خاصة بالجزائر الشقيق.فبالرغم بعد إتفاقية إيكس ليبان سيأتي الإستقلال من سنة 1956 ،فستبقى لعنة التهميش والإقصاء والفقر لهذه الإتفاقية تتابع مدينة وادي زم المقاومة بعد ذلك لأكثر من 20 سنة كعقاب لها من طرف الإستعمار الفرنسي والخونة بسبب الأفعال الغير الإنسانية التي ارتكبتها مقاومة وادي زم في حق الفرنسيين القاطنين بوادي زم آنذاك والوصف للفرنسيين.
قبائل ورديغة : تنسب لورديغة ذات الهمة ام عبدالوهاب رفيق ابي زيد الهلالي حيث في الملحمة الهلالية القديمة يقتلان ملك زناتة ويستولون على الاراضي. ورديغة ليست مجرد اسطورة بل انها وكما ذكر الدكتور عبدالهادي التازي جزء من حقيقة تاريخية حيث ان ورديغة هي زوجة جابر الهلالي قائد عرب الهجرة الهلالية والتي ضمت قبائل (بنو هلال وهوازن وبنو اسد وبنو جثم ... ) ورديغة تنحدر من احفاد هؤلاء الوافدين باستثناء بعض القبائل ذات الاصول العلوية الفاسية . كان المغرب ابان هجرة بنو هلال تتنازعه قبائل بربرية كبرى كزناتة ومصمودة قبيلة اسرة الموحدين الحاكمة انذاك لجا الامير الموحدي انذاك يعقوب المنصور إلى اقطاع جابر والمهاجرين معه الذين استقروا بادئ الامر في منطقة برقة بليبيا اقطاعهم اراضي مملكة برغواطة الذين ابيدوا على يد المرابطين لاعتناقهم اليهودية وردتهم عن الاسلام . انشا أبناء جابر مدنا وقرى تحمل اسمائهم كمدينة بني ملال ( ملال ابن جابر ملال تعني باللغة العربية القوي المدرع) ومدينة الفقيه ابن صالح وهو حفيد لجابر ومدينة وادي زم والتي كان يسكن في طرفها شرقي عدد من العوائل البربرية ومدينة بوجنيبة ومدينة حطان . وفخائذ بنو جابر هي كتالي (بني مسكين ويقطنون مدن البروج وسطات بني عمير يقطنون بني ملال بني موسى يقطنون كذلك بني ملال الشاوية وهم كذلك من بنو هلال لكنهم لاينحدرون من جابر وانما ينحدرون من زغبة ابن رياح ومن قبائل ;وادي زم: بني سمير وبني خيران ;وسماعلة (بنو إسماعيل ابن جابر وليس كما يدعي البعض انهم كانو على المذهب الاسماعيلي الباطني لان بنو هلال كلهم من الباطنية الشيعة لانه بالاساس سر خروجهم من الجزيرة العربية هو ان الخليفة المستنصر بالله دعاهم إلى الانتقام من زيري حاكم ليبيا قبل هجرتهم وذاك قبل ان يهاجروا للمغرب الاقصى كما ذكرنا ) .
وحول وجود الهلاليين في غرب إفريقيا فهم وصلوا المغرب الاقصى في نهاية القرن الخامس للهجرة كما يذكر كتاب ورديغة تاريخ وحاضر الذي علق عليه المؤرخ المغربي الشهير الدكتور عبدالهادي التازي ان مناطق ورديغة وشاوية ودكالة وعبدة اقاليم ذات غالبية هلالية واضحة بل ان بعض الفخائذ الهلالية لايزال يحمل الاسم التاريخي مثل قبائل الرياحية المنحدرة من زغبة ابن رياح والتي تسكن سهل الشاوية وقد شاركت قبائل بنو هلال في معارك الاستقلال في المغرب وهو مالايذكره للاسف التاريخ المغربي الرسمي ولعل أهم المعارك كانت في مدينة وادي زم حيث نحر قبائل سماعلة وبني سمير و بني خيران واولاد البحر وبني خلف المنحدرة من بني هلال مالايزيد عن 130 مستمعر فرنسي كما قامت باحراق المستوطنة الفرنسية وكانت العمود الرئيس لقوات المقاومة الغير نظامية في المناطق الوسطى العربية في المغرب .
أما تعدد مواطن هذه القبائل فإنه يعود إلى خاصية النجوع والارتحال الذي تميزت به إضافة إلى الأزمات التي تتعرض لها القبائل من حين لآخر، مما يدفع بها إلى هجرة مواطنهم، وفي الأغلب أن الهجرة تكون لأسباب اقتصادية إلا أنها تأخذ في بعض الأحيان طابع سياسي.
تعاني قبائل ورديغة من ظلم اجتماعي وتراثي حيث يسعى البعض لتشويه القبائل بل ان البعض وصلت به الدناءة لنفي العروبة عن هذه القبائل العريقة .