أرشيف المدونة

حين يبدا الحب يا صديقي‏..‏ يتحول الانسان الي مخلوق اخر ومعجزه الحب ان الانسان المحب لا يشعر بهذا التغيير‏..‏ انما يبدو امام نفسه فقط‏..‏ انه لم يتغير في شيء‏..‏ الا انه احب‏!!‏ لكن الحب رحله مدهشه بين الشوق والشوك‏..‏ واولي علامات الحب هي‏(‏ الشوق‏)..‏
ان تتطلع الي شخص المحبوب‏..‏ والي بلد المحبوب‏..‏ والي اصدقاء المحبوب‏..‏ والي كل ما ومن له صله بالمحبوب‏!!‏ ومن كل هذا شوق صاعق يدفعك دائما الي المزيد‏!!‏ مزيد من الرويه‏..‏ مزيد من الاصغاء الي صوته او الي مطالعه كلماته‏..‏ او معرفه اخباره‏!!‏ يصبح المحبوب في عمق الشعور‏,‏ وفي قلب الفكر‏,‏ تتمحور حوله المعاني وكل الاشياء‏!!‏ والحب يضع للمحبوب اولويه مطلقه في حياه الانسان‏..‏ وحين بدا الحب يا سيدي لم اعد كما كنت‏!!‏ انا عرفت ذلك‏,‏ لاني كنت اعي جيدا ما قبل ذلك‏!!‏ انذاك كنت لا اذكرها الا اذا اقتضي الامر ذلك‏..‏ اما الان فانها لا تغيب عني الا اذا اجبرت علي ذلك‏!!‏ الان يا صديقي قل حديثي الي الناس او معهم‏..‏ لانني احادث طيفها كثيرا واجالس روحها طويلا‏,‏ الان قل خروجي الي اي عمل‏..‏ لاني اخشي ان تهاتفني فلا تجدني‏!!‏ ثم ان هذا الرنين المزعج للتليفون لم يعد كذلك‏..‏ بل اني استجدي الرنين بقوه الحنين‏..‏ الي قلب ضنين‏!!‏ الان ايها الصديق اصبح للسماء وللمساء شكل اخر‏..‏ وللطيور وهي تووب وانا اذوب‏,‏ شكل اخر‏!!‏ كل شيء قد تغير‏..‏ حتي اسمها‏!!‏ شكله‏..‏ بحروفه‏..‏ كما هو‏,‏ لكنه متوهج بالعطر‏..‏ يحمل في حروفه اسرارا وافكارا ومشاعر واحاسيس‏..‏ حروفه الخمسه‏..‏ لاتزال كما هي بعددها‏..‏ لكنها امتزجت والتحمت وتحولت الي بقعه وضيئه من وهج دافئ‏..!!‏ كل شيء تغير‏..‏ كل شيء اعيدت صياغته من جديد‏..‏ كان الحب اداه خلق جديده تستمد قوتها من الله‏!! كنت مثل بنيان صدعته الزلازل فتساند الي جدار الامل‏..‏ ابحث عن الحب في جعبتي الملاي‏..‏ فلا اجده‏!!‏ قلبي كان ممتلئا بالخواء‏..‏ وبصفير للريح تعوي في دهاليز الوجد‏..‏ فلما قابلتها ردت الروح الي مثواها‏!‏ فهي مني وانا منها‏.‏ وتعانقنا‏..‏ قلبا نابضا بقلب واجف‏..‏ وشوقا صارخا بصدر لاهث‏..‏ لم نكن نريد ان نبتعد‏..‏ لان البعاد انفصال والانفصال بين المسافات‏..‏ والمسافات حدود بين انسان وانسان‏!!‏ ليس وليس بيني وبينها حدود‏!!‏ طوقتها بالقلب والروح والعقل‏..‏ لكن الشوق الجميل لم يرحمني‏,‏ حتي اسلمني الي الشوك‏!!‏ وبين الشوق والشوك‏..‏ بدا الحب‏!!‏ وبرغم ان كلماتها الدافئه‏..‏ شديده الصدق‏..‏ مبهره التعبير‏..‏ لاهثه تحاول اللحاق بقلبي‏..‏ فانها ما كادت تمسك باناملها اطراف القلب‏..‏ حتي تفتت قبضات قلبها‏..‏ وبدت كمن استراح بعد ان القي القبض علي قلبي الواهن‏..‏ ووهن الشوق‏!!‏ ذلك كله يظهر ويبين اذا بدا العقل يتكلم‏!!‏ والصراع بين العقل والقلب ابدي وسرمدي‏..‏ لا نعرف من منهما يتغلب علي الاخر‏!‏ الا حين يعلو الصوت للمنتصر‏!!‏ المح صوت العقل في نبرات صوتها‏..‏ ويجرحني انين القلب المنهزم‏!!‏ ما الذي يحدث في هذه التركيبه المدهشه للمشاعر والاحاسيس‏,‏ تتحول الاشياء الي خليط من الامر وضده معا‏..!!‏ يترنح القلب علي جسور الشوق‏..‏ وينطلق مندفعا بقوه هائله نحو لا نهائي بلا حدود‏!!‏ يتقلب القلب من النقيض الي النقيض ابتعادا واقترابا‏,‏ انفصالا وامتزاجا‏..‏ الما واملا‏..‏ شوكا وشوقا‏!!‏ رحله الحب منذ ساعاته الاولي بين الشوق والشوك تضنيني‏..‏ وتشعل حنيني‏..‏ وتضرم النار في شراييني‏!‏ اشارات التراجع في صوتها‏..‏ اشباح الخوف في كلماتها‏..‏ فحيح العقل في نبراتها‏..‏ كل ذلك لم يكن موجودا‏(!!)‏ لم يكن هناك الا الاعصار والريح تعصف صراخا بالحب وبالود معا‏..‏ لماذا يخمد الصوت ويحل الصمت ويسود السكون‏!‏؟ هل تراجعت هي حيث ايقظها العقل اللعين من حلمها الوردي الذي اخذتني اليه‏!‏؟ ام ان شوقي اليها قد مزق كل ثوابت الزمان والمكان فاصبحت دقيقه الانتظار شهرا ودهرا‏,‏ وقد اصبحت عشرات الصفحات من رسائلها‏..‏ كلمه واحده او حرفا‏!!‏ لماذا اشعر بالظما الشديد بعد ان ارتويت‏!‏؟ لماذا لم يعد يكفيني اي شيء‏!‏؟ لماذا تتسع الفجوه بين الحلم والعلم وتستطيل المسافات بين النبض والنبض‏.‏ ‏هل هذه هي‏(‏ سيره الحب‏)..‏ او‏(‏ مسيرته‏)!!‏؟ قبل ان نحب كانت الكلمات سهله وبسيطه‏..‏ تمضي مثل عابر سبيل ينتقل من الشفاه الي المسامع‏..‏ لكنها الان تحمل اشارات رقيقه‏..‏ ولمحات معقده‏..‏ نغمه النطق تغير المعني وتعد له‏..‏ نلمح في الكلمه هدفا وباعثا وشعورا‏..‏ الكلمه اصبحت جمله‏,‏ تحمل كل المعاني‏,‏ فتكفي بذاتها للافصاح عن رساله كامله‏!!‏ اين هي الان؟‏!‏ غزلت حولي خيوطا من حديد‏..‏ ثم وضعتني في مهب الريح‏..‏ فلا انام واستريح‏!!‏ قالت انها خائفه من‏(‏ مجهول الحب‏)!!‏ انا مجهول الحب‏..‏ فهو اندحار الامل مع مزيج الالم‏!!‏ لكن الخوف من العذاب هو العذاب نفسه‏.‏ ولان لعذاب الحب مذاقا خاصا فهو مضغه في افواه القلوب‏!!‏ نحن لا نعرف سعاده الحب الا بالتعاسه فيه‏..‏ وكما يولد النهار من الليل‏,‏ فان الوصال بعد الهجر اشراق عبقري النشوه‏..‏ قد نتخاصم‏..‏ او‏(‏ نتهاجر‏)‏ نتمشي علي شوك يدمي القلب يدمي القلوب‏..!!‏ يتحول الشوك في سعير الهجر‏,‏ الي شوق صارخ هاتف باللقاء‏!!‏ حينئذ تحدث شراره الاحتكاك بين السالب والموجب بين الشيء وضده‏..‏ بين الهجر والوصال‏..‏ بين الشوك والشوق‏..!!‏ هكذا الحب‏!!‏ وليس لي اختيار فيه‏..‏ فلا انا بقادر علي رفضه ولا انه بمستطيع ان اطلبه‏!!‏ كنت اتذكر احيانا ذلك اليوم الذي نتحادث فيه‏..‏ لكني الان اتذكر دائما‏..‏ ذلك اليوم‏..‏ الذي لم نتحادث فيه‏!!‏ حين كانت بعيده عني‏..‏ كنت اشعر بقربها الشديد‏..‏ وحين اقتربت مني شعرت انها ابتعدت‏!!‏ تغير مدلول الزمان والمكان‏..‏ فبين قربها وخوفي عليها‏,‏ وبين بعدها وشوقي اليها تحيرت مدامعي‏..‏ وتزايدت مواجعي‏,‏ وبردت مضاجعي‏!!‏ رباه‏..‏ كيف يحدث هذا التغير المدهش في مشاعر الانسان واحاسيسه‏!‏؟ لماذا اراها الان في كل المرائي ولماذا اصغي اليها في كل المسامع ولماذا يمزقني الشوق اليها ويدمي قلبي‏.‏ ذلك الشوك بيني وبينها‏!‏؟ هي لا تجد احدا راضيا عن حبها‏!!‏ الاصدقاء والاهل رافضون مستنكرون مندهشون يحذرون‏!!‏ لكن الحب لا يحتاج الي استفتاء شعبي‏!!‏ كلا ولا هو خاضع لمعايير او مقاييس او قواعد توضع في الحسبان‏!!‏ الحب لغه فريده‏..‏ بين اثنين‏!!‏ بالعين وبالقلب وبالروح والجسد‏..‏ يتفاهمان بهما‏!!‏ لا احد يعرف هذه اللغه غيرهما‏..‏ بعيونهما يستطيعان ان يجريا حوارا طويلا لا يسمعه ولا يدركه احد من جمع غفير موجود‏!!‏ الحب لغه شديده الخصوصيه‏..‏ خصبه في معانيها‏..‏ متعدده التراكيب‏..‏ ثريه بالصور والمرئيات والمحسوسات‏..‏ وخصوصيتها الكبري انها مستعصيه علي الفهم‏..‏ الا بين‏..!!‏ انا وهي‏..‏ الحب لغتنا الجميله‏..‏ فما لهذا او ذاك في فهمها شيء‏..‏ وما لهم يلوكون ما يلحنون فيه وما يتعثرون او يفهمون‏!!‏ هي تقول لي انها تفهم ذلك وتدرك ما وراء ذلك‏!!‏ وصحيح يا سيدي ما تقول‏!!‏ رقيقه هي‏..‏ مخلوقه من اثير لا يراه الا القلب‏..‏ اثير هي واسير انا‏,‏ توكد لي انها فعلا تحبني‏..‏ واذكر لها اني فعلا احبها‏..!!‏ اقول لها‏,‏ انت انا وانا انت وكل منا اسمه‏(‏ انتنا‏)‏ في قلب الاخر‏..‏ انا او انا‏!!‏
نقطه عطر .. كيف لا تخاف هي وكيف لا اخاف انا‏!!‏ هي الروح والقلب والعقل في تلك المدينه البعيده‏..‏ وانا الجسد الخاوي‏,‏ والجاثم علي اعتاب الشوق‏!!‏ اخاف علي قلبي وعلي عقلي وعلي روحي‏,‏ فمن يضمني الي نفسي ومن يعيد بعضي الي بعضي‏..!
بقلم د. محمد اسماعيل على

0 التعليقات:

ابحث في المدونة